هدى الله في التوراة
كان يعقوب حفيد إبراهيم من ابنه اسحاق , وإذ كان يعرف أيضا بالإسم الإسرائيلي الذي أعطاه إياه الله , أنجب 12 ولدا . (تكوين : 1,2,28) وذريته - بنو اسرائيل - استعبدوا زمنا في مصر , فأرسل الله نبيه موسى ليخرجهم من تلك الأرض , نال أنبياء آخرون رؤى من الله , ولكن موسى كان يتكلم مباشرة مع الله في أي وقت .
صار موسى وسيط عهد قطعه الله مع بني اسرائيل , وهذا العهد أكد الوعد الذي قطع لإبراهيم , جعل الله موسى يكتب شرائعه ووصاياه (تدعى الناموس) وفيها الهدى الذي كان يحتاج إليه الإنسان آنذك . وهذا الهدى موجود في التوراة , وتعامل الله بشكل خصوصي مع بني اسرائيل كان يتوقف على طاعتهم لوصاياه . - خروج : 5 , تثنية : 5,6 .
يتألف الناموس الذي أعطاه الله لموسى من نحو 600 وصية , بما فيها الوصايا التالية : ((أنا الرب إلهك ... لا يكن لك آلهة أخرى أمامي . لا تصنع لك تمثالا منحوتا ... لا تسجد لهن ولا تعبدهن ... أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض التي يعطيك الرب إلهك . لا تقتل . لا تزن . لا تسرق . لا تشهد على قريبك شهادة زور . لا تشته ... شيئا مما لقريبك)) . - خروج : 1-5 , 12-17 .
وأهم وصايا الناموس هي : ((اسمع يا إسرائيل . الرب إلهنا رب واحد . فتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك)) . (تثنية : 4,5) فالله وحده يجب أن يعبد (لاويين :1) وأثبت يهوه أن الإيمان بإله واحد هو الحق وأن عبادة آلهة أخرى جرم خطير . (خروج : 20) وعلاوة على ذلك , يجب أن تكون المحبة هي الدافع في عبادة الله .
والوصية الثانية في الأهمية بعد وصية محبة الله كانت الشريعة , أن يحب المرء قريبه كنفسه . (مرقس : 28-31) قال الله لشعبه : ((لا تسرقوا ولا تكذبوا ولا تغدروا أحدكم بصاحبه . لا تغصب قريبك ... لا تبغض أخاك في قلبك ... لا تنتقم ولا تحقد على أبناء شعبك بل تحب قريبك كنفسك . أنا الرب)) . (لاويين : 11,13,17,18) لقد نظمت هذه الشرائع علاقة الإنسان بأخيه الإنسان وشددت أن الدافع وراء كل شيء يجب أن يكون المحبة .
وعلاوة على ذلك , لم تكن المحبة لتشمل فقط أبناء جنسهم بل آخرين أيضا , تقول التوراة : ((إذا نزل عندك غريب في أرضكم فلا تظلموه .... وتحبه كنفسك)) . - لاويين : 23,24 , انظروا أيضا تثنية : 17-19 .
كان الناموس حافلا بالإرشادات والنصائح للمؤمنين الحقيقيين , وقد شملت شرائعه كل أوجه حياتهم - الدينية , البيتية , القضائية , التجارية - وهكذا كان الناموس هدى الله لشعبه وأراهم كيف يعبدونه بشكل مقبول .
هدف الناموس
قصد الله أن تتبارك جميع أمم الأرض ((بنسل)) إبراهيم . (تكوين : 18) ولكن الله قطع عهد الناموس مع أمة اسرائيل وحدها وليس مع جميع أمم الأرض . (تثنية : 1-3 , مزمور : 19,20) ولذلك لم يكن الناموس بحد ذاته الغاية بل الوسيلة لإتمام قصد الله . فماذا كان هدفه ؟
علم الناموس مطالب الله وفضح وشجب كل الأفكار الدينية الباطلة التي روجها الإنسان منذ أخرج من الجنة . (تثنية : 9-13) وحمى الناموس كذلك اسرائيل من الممارسات والعبادة الباطلة للأمم المحيطة بهم إذ قلل إتصالهم بها . - تثنية : 5,76 .
وبين الناموس أن كل البشر , بمن فيهم الاسرائيليون , هم خطاة يحتاجون إلى كفارة . ولأنه ينبع من الله , كان الناموس مقدسا وكان مقياسا للكمال . كل من ينجح في حفظه كاملا كان يستحق الحياة . (لاويين : 5) ومع أن بني اسرائيل حاولوا أن يحفظوا الناموس , فشلوا لأنهم كانوا كسائر البشر , أناسا ناقصين - متحدرين من آدم - وعند مقارنة سلوكهم بمقاييس الناموس , ظهر نقصهم وانكشف أنهم خطاة يستحقون الموت , وكان هذا منسجما مع العدل الإلهي الذي يقضي أن تكون ((أجرة الخطية هي موت)) . - رومية : 23 .
لم ينتهك الله شريعته , ولكنه في الوقت نفسه اتخذ إجراء لإنقاذ البشر الذين ورثوا دون إرادتهم الخطية والموت , لذلك برحمة , أبرز الله في الناموس الحاجة إلى شيء يكفر عن الخطايا أو يغطيها , أعلن : ((لأن نفس [حياة] الجسد هي في الدم فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم . لأن الدم يكفر عن النفس)) . - لاويين : 11-14 .
إذا , يعتبر الدم معادلا للحياة , ولذلك بدل أن يموت الإنسان لأنه كسر وصايا الله , كان يمكن للخاطيء أن يقدم حيوانا ذبيحة على مذبح الله , وفي الواقع , كانت حياة الحيوان المقدم ذبيحة تحل محل حياة الخاطيء , وكان دمه يكفر إلى الحد الممكن (لاويين : 11 , عبرانيين : 22) وكان يجب أن تكون الذبيحة سليمة خالية من العيوب , لأن الله كان قد حث بني إسرائيل : ((تكون صحيحة للرضا . كل عيب لا يكون فيها)) . - لاويين : 21 , تثنية : 21 , 1 , وهكذا وضع الله الأساس لفهم مبدأ الفدية كثمن يدفع لإنقاذ الحياة , ولكن كان سيأتي المزيد من الهدى على يد أنبياء الله .
معنى الفدية
يتطلب العدل الإلهي المطلق ((نفسا بنفس . عينا بعين . سنا بسن)) - تثنية : 21 ولكن بدلا من هذا العقاب كان يمكن أن تقدم أحيانا فدية , والفدية هي شيء يعتق , وفداء شخص ما يعني إنقاذه من الأسر أو العقاب بدفع ثمن .
للإيضاح : تتحدث خروج : 28-32 عن ثور ينطح إنسانا حتى الموت , فإذا كان صاحب الثور يعرف أنه نطاح ولم يتخذ التدابير الملائمة , فإنه سيتحمل بعض المسؤولية بسبب الوفاة الحاصلة , وحيث أن العدل يتطلب (نفسا بنفس) يمكن أن يضطر صاحب الثور إلى دفع حياته مقابل حياة القتيل .
لكن الناموس لم يكن صارما بشكل أعمى لأن رحمة الله تأخذ بعين الإعتبار الدوافع والظروف على السواء , لذلك لم يكن ينفذ حكم الإعدام في صاحب الثور في كل الحالات , فإذا وجد القضاة ظروفا تخفيفية أو عوامل أخرى تسمح بعقاب أكثر لينا , فعندئذ يمكن أن تفرض على المذنب فدية أو غرامة , وكانت هذه الفدية تمثل كفارة لتغطية خطاياه , وكان يدفعها بدلا من أن تؤخذ حياته عوض الحياة التي فقدت .
وهكذا كانت تستوفى شروط العدل إذا قدم ثمن معادل أو فدية , فالفدية يمكن أن تكون التزاما بالعدل ومع ذلك تترك المجال للرحمة .
International Bible students association -
Brooklyn, New York, U.S.A